فصل: تفسير الآية رقم (169):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (155):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [155].
{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} أي: أنه منزه عن ذلك.

.تفسير الآية رقم (156):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ} [156].
{أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ} أي: حجة واضحة وبرهان قاطع، ثم لا يجوز أن يكون ذلك عقلياً، لاستحالته عند الفعل، فغايته أن يكون مأثوراً عن أسفار مقدسة.

.تفسير الآية رقم (157):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [157].
{فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ} أي: المسطور فيه ذلك عن وحي سماوي: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي: في دعواكم. وهذا كقوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} [الروم: 35]، وفيه إشعار بأن المدار في الدعوى على البرهان البين، وأنها بدونه لا يقام لها وزن.

.تفسير الآية رقم (158):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [158].
{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} أي: قرباً منه. قال مجاهد: قال المشركون: الملائكة بنات الله تعالى. فقال أبو بكر رضي الله عنه: فمن أمهاتهن؟ قالوا: بنات سروات الجن. وكذا قال قتادة وابن زيد، ثم أشار إلى أن لا نسبة تقتضي النسب بوجه ما، عدا عن استحالة ذلك عقلاً، بقوله: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ} أي: المنسوب إليهم هذا النسب {إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} أي: في النار يوم القيامة. لكون الجنة كالجن، علماً في الأغلب للفرقة الفاسقة عن أمر ربها من عالم الشياطين، أي: فالمنسوب إليهم يتبرؤون من هذه النسبة، لما يعلمون من أنفسهم أنهم من أهل السعير، لا من عالم الأرواح الطاهرة، فما بال هؤلاء المشركين يهرفون بما لا يعرفون؟ وفسر بعضهم الجنة، بالملائكة المحدّث عنها قبلُ. والضمير في إنهم، للكفرة. ولعل ما ذكرناه أولى، لخلوّه عن تشتيت الضمائر، ولموافقته للأغلب من استعمال الجن والجنة. وذلك فيما عدا الملائكة. وقلنا الأغلب لما سمع من إطلاق الجن في الملائكة. قال الأعشى يذكر سليمان عليه السلام:
وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الْمَلَاْئِكِ تَسْعَةً ** قِيَاْماً لَدَيْهِ يَعْمَلُوْنَ مَحَاْرِبَا

وقال الراغب: الجن يقال على وجهين: أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها، بإزاء الإنس. فعلى هذا تدخل فيه الملائكة. وقيل: بل الجن بعض الروحانيين، وذلك أن الروحانيين ثلاثة: أخيار وهم الملائكة. وأشرار وهم الشياطين. وأوساط فيهم أخيار وأشرار، وهم الجن، ويدل على ذلك قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1] إلى قوله تعالى: {وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} [الجن: 14]. انتهى.
ورد إطلاق الجن على الملائكة العلامة الفاسي في شرحه على القاموس فقال: تفسير الجن بالملائكة مردود؛ إذ خلق الملائكة من نور لا من نار كالجن. والملائكة معصومون، ولا يتناسلون ولا يتّصفون بذكورة وأنوثة، بخلاف الجن، ولهذا قال الجماهير: الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ} [البقرة: 34]، منقطع أو متصل. لكونه كان مغموراً فيهم، متخلقاً بأخلاقهم. انتهى.
وهو يؤيد ما ذهبنا إليه، وبيت الأعشى لا يصلح حجة، لفساد مصداقه؛ لأن سليمان لم تسخر الملائكة لتشيد له المباني، وليس ذلك من عملهم عليهم السلام، وقد مر الكلام على ذلك في تفسير سورة سبأ.

.تفسير الآية رقم (159):

القول في تأويل قوله تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [159].
{سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} أي: من الولد والنسب. وقوله:

.تفسير الآية رقم (160):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [160].
{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} استثناء من المحضرين، الذين هم الجنة، متصل على القول الأول، أي: المؤمنين منهم، ومنقطع على الثاني، أو استثناء منقطع من واو يصفون. هذا وبقي وجه في الآية لم يذكروه، وهو أن يراد بالنسب المناسبة، والمشاكلة في العبادة، ويراد بالجنة الملائكة، ويكون المراد من الآية الإخبار عمن عبد الملائكة من العرب وجعلوهم نداً ومِثلاً له تعالى، وحكاية لضلال آخر لهم، غير ضلال دعواهم، أنهم بنات الله سبحانه، من عبادتهم له، مع أنهم عليهم السلام يعلمون أن هؤلاء الضالين محضرون في العذاب. والآية في هذا كآية: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سبأ: 40- 41]، وكان السياق من هنا إلى آخر، كالسياق في طليعة السورة، كله في تقرير عبودية الملائكة له تعالى، وكونها من مخلوقاته الصافّة لعبادته، فأنى تستحق الربوبية؟ والله أعلم. وقوله:

.تفسير الآية رقم (161):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} [161].
{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} عود إلى خطابهم.

.تفسير الآية رقم (162):

القول في تأويل قوله تعالى: {مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [162].
{مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} أي: مفسدين أحداً بالإغواء.

.تفسير الآية رقم (163):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [163].
{إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} أي: ضال مثلكم، مستوجب للنار، قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: فإنكم أيها المشركون بالله: {وَمَا تَعْبُدُونَ} من الآلهة والأوثان: {مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنينَ} أي: ما أنتم على ما تعبدون من دون الله بمضلين أحداً {إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ اَلْجَحِيم} أي: من سبق في علمي أنه صال الجحيم. وقد قيل: إن معنى عليه به. انتهى.
ثم بين تعالى اعتراف الملائكة بالعبودية، للرد على عبدتهم، بقوله حاكياً عنهم:

.تفسير الآية رقم (164):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} [164].
{وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} أي: في العبودية وتسخيره فيما يريده تعالى منه. لا يتعدى فيه طوره، ولا يجاوز منه قدره.

.تفسير الآية رقم (165):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [165].
{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} أي: في أداء الطاعة، ومنازل الخدمة التي نؤمر بها.

.تفسير الآية رقم (166):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [166].
{وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} أي: المنزهون الله عما يصفه به الملحدون، أو المصلون له خشوعاً لعظمته، وتواضعاً لجلاله.

.تفسير الآية رقم (167):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ} [167].
{وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ} أي: مشركو قريش.

.تفسير الآية رقم (168):

القول في تأويل قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنْ الْأَوَّلِينَ} [168].
{لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنْ الْأَوَّلِينَ} أي: كتاباً من الكتب التي نزلت عليهم.

.تفسير الآية رقم (169):

القول في تأويل قوله تعالى: {لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [169].
{لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} أي: لأخلصنا العبادة له، فجاءهم الذكر الذي هو سيد الأذكار، والكتاب الذي هو أهدى الكتب والمعجز من بينها.

.تفسير الآية رقم (170):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [170].
{فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أي: عاقبة كفرهم. وهذا كقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً} [فاطر: 42]. وقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} [الأنعام: 156- 157].

.تفسير الآية رقم (171):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} [171].
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} أي: وعدنا لهم الأزلي، وهو:

.تفسير الآيات (172- 173):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [172- 173].
{إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا} أي: الرسل ومن آمن معهم: {لَهُمُ الْغَالِبُونَ} أي: الظاهرون على أعدائهم، والمالكون لنواصيهم كقوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21].

.تفسير الآية رقم (174):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ} [174].
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} أي: أعرض عنهم إعراض الصفوح الحليم عمن ينال منه. كقوله تعالى: {وَدَعْ أَذَاهُمْ} [الأحزاب: 48]، وقوله: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85]، {حَتَّى حِينٍ} أي: إلى استقرار النصر لك.

.تفسير الآية رقم (175):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} [175].
{وَأَبْصِرْهُمْ} أي: بصرهم وعرفهم عاقبة البغي والكفر، وما نزل بمن أُنذر قبلهم، أو أوضح لهم الدلائل والحجج في مجاهدتك إياهم بالقرآن والوحي، فإن لم يبصروا الآن {فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} أي: ما قضينا لك من التأييد والنصرة.

.تفسير الآية رقم (176):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} [176].
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} أي: قبل حلول أجله، وإنه لآت، لأنه يوم الفتح الموعود به.

.تفسير الآية رقم (177):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ} [177].
{فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ} أي: بقربهم وفنائهم: {فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ} أي: فبئس الصباح صباح من أنذرتهم بالرسل فلم يؤمنوا؛ لأنه يوم هلاكهم ودمارهم. قال الزمخشري: مثل العذاب النازل بهم، بعد ما أنذروا فأنكروه، بجيش أنذر بهجومه بعضُ نصاحهم فلم يلتفتوا إلى إنذاره، ولا أخذوا أهبتهم، ولا دبروا أمرهم تدبيراً ينجيهم، حتى أناخ بفنائهم بغتة فشن عليهم الغارة، وقطع دابرهم. وكانت عادة مغاويرهم أن يغيروا صباحاً. فسميت الغارة صباحاً، وإن وقعت في وقت آخر. وما فصحت هذه الآية ولا كانت لها الروعة التي تحس بها ويروقك موردها على نفسك وطبعك، إلا لمجيئها على طريقة التمثيل. انتهى. أي: فهي استعارة تمثيلية، أو في الضمير استعارة مكنية، والنزول تخييلية.

.تفسير الآيات (178- 179):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} [178- 179].
{وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} قال الزمخشري: إنما ثنى ذلك ليكون تسلية علي تسلية، وتأكيداً لوقوع الميعاد إلى تأكيد. وفيه فائدة زائدة، وهي إطلاق الفعلين معاً عن التقييد بالمفعول، وإنه يبصر وهم يبصرون ما لا يحيط به من الذكر من صنوف المسرة، وأنواع المساءة. وقيل: أريد بأحدهما عذاب الدنيا، وبالآخر عذاب الآخرة.

.تفسير الآية رقم (180):

القول في تأويل قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [180].
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} أي: المنعة، والقدرة، والغلبة: {عَمَّا يَصِفُونَ} أي: من الشريك، والولد، ونحوهما.

.تفسير الآية رقم (181):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [181].
{وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} أي: سلام، وأمان، وتحية على المرسلين المبلغين رسالات ربهم.

.تفسير الآية رقم (182):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [182].
{وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي: على نعمه، التي أجلّها إرسال الرسل لإظهار أسمائه الحسنى وشرائعه العليا، وإصلاح الأولى والأخرى.
فوائد في خواتم هذه السورة:
الأولى- روى ابن جرير عن الوليد بن عبد الله قال: كانوا لا يصفّون في الصلاة حتى نزلت: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} فصفوا. وقال أبو نضرة: كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه، ثم قال: أقيموا صفوفكم، استقيموا قياماً، يريد الله بكم هدى الملائكة. ثم يقول: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} تأخّر يا فلان، تقدم يا فلان، ثم يتقدم فيكبر. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.
وفي صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجداً، وتربتها لنا طهوراً».
الثانية- روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: صبّح رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيبر. فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش، رجعوا وهم يقولون: محمد والله! محمد والخميس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر خربت خيبر: إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين». دلّ تمثله صلّى الله عليه وسلم بالآية على شمولها لعذاب الدنيا، أولاً وبالذات.
الثالثة- قال ابن كثير: لما كان التسبيح يتضمن التنزيه، والتبرئة من النقص، بدلالة المطابقة، ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال المطلق مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص- قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن، ولهذا قال تبارك وتعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ} الآيات.
الرابعة- روى ابن أبي حاتم عن الشعبي مرسلاً: «من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة، فليقل آخر مجلسه، حين يريد أن يقوم: {سُبْحَانَ رَبِّكَ} الآيات».
وروي أيضاً عن علي موقوفاً.
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم مرفوعاً: «من قال دبر كل صلاة: {سُبْحَانَ رَبِّكَ} الآيات، ثلاث مرات، فقد اكتال بالجريب الأوفى من الأجر».
وقد بين الرازي أن خاتمة هذه السورة الشريفة جامعة لكل المطالب العالية. فارجع إليه.